كتب لورينزو توندو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمر بوقف تمرير مشاريع القوانين البرلمانية المتعلقة بضم الضفة الغربية، بعدما وصف نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس تصويت الكنيست على مشروعين لضم الضفة بأنه "إهانة". وصوّت البرلمان الإسرائيلي الأسبوع الماضي مبدئيًا على مشروعين يهدفان إلى تطبيق القانون الإسرائيلي على الضفة المحتلة، وهو ما يعني ضمًا فعليًا لأراضٍ يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها، بعد أيام فقط من توقيع دونالد ترامب اتفاقًا لوقف الحرب المستمرة في غزة منذ عامين.
أوضح تقرير الجارديان أن فانس، الذي اختتم زيارة استمرت يومين إلى إسرائيل، هاجم التصويت واعتبره "مناورة سياسية غبية" تمثل إهانة شخصية له، مؤكدًا أن إدارة ترامب ترفض ضم الضفة الغربية، وأن هذا الموقف "سيظل ثابتًا". وفي أعقاب ذلك، أعلن أوفير كاتس، رئيس الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، أن نتنياهو طلب منه وقف أي تحرك برلماني نحو الضم، بينما وصفت رئاسة الحكومة الإسرائيلية التصويت بأنه "استفزاز سياسي متعمّد" هدفه خلق انقسام خلال زيارة فانس.
وصل وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى إسرائيل بعد ساعات من الحادثة، في إطار جهود أمريكية متواصلة لضمان التزام تل أبيب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة. وصرّح روبيو بأن أي خطوة لتوسيع السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة ستكون "تهديدًا محتملًا لاتفاق السلام"، مضيفًا أن واشنطن تحترم الديمقراطية الإسرائيلية لكنها ترى أن هذا التحرك سيكون "غير بنّاء في هذا التوقيت".
أكد ترامب في مقابلة مع مجلة تايم أن ضم الضفة الغربية "لن يحدث" لأنه قدّم التزامًا للدول العربية، محذرًا من أن إسرائيل "ستفقد دعم الولايات المتحدة بالكامل إذا أقدمت على ذلك". وفي إسرائيل، وصفت وسائل الإعلام موجة الزيارات الأمريكية المكثفة لضمان التزام نتنياهو بالهدنة بأنها "رعاية بيبي"، في إشارة إلى لقب نتنياهو، وتعبيرًا ساخرًا عن سعي واشنطن لمراقبته عن قرب.
إحراج نتنياهو ازداد بعدما تجاهل النواب دعوته لتأجيل التصويت، فاضطر إلى مطالبة أعضاء حزبه "الليكود" بالامتناع عن التصويت. داخل قاعة الكنيست، تصاعدت الهتافات من نواب اليمين المتطرف؛ إذ أعلن آفي ماعوز، عضو حزب "نوعام"، أن "الوقت حان لتطبيق السيادة"، داعيًا إلى الاستيطان الكامل في "أرض إسرائيل".
سياسيًا، تمثّل مشاريع الضم تحديًا كبيرًا للإدارة الأمريكية التي تسعى لحشد دعم عربي وتمويل قوة دولية لتثبيت الاستقرار في غزة بعد الحرب. وأصدرت أكثر من 12 دولة عربية وإسلامية بيانًا مشتركًا أدانت فيه القوانين المقترحة باعتبارها "انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي".
وفي المقابلة ذاتها مع تايم، ألمح ترامب إلى أنه يدرس دعم الإفراج عن القيادي الفلسطيني مروان البرغوثي، الذي يعتبره كثيرون الزعيم الأقدر على توحيد الصف الفلسطيني. وقال ترامب إن القرار قيد النقاش وإنه سيحسم موقفه قريبًا، في ما اعتُبر رسالة ضغط جديدة على حكومة نتنياهو.
تاريخيًا، احتلت إسرائيل الضفة الغربية عام 1967 بعد حرب الأيام الستة مع الأردن، ومنذ ذلك الحين سعت إلى ترسيخ سيطرتها عبر إعلان مساحات واسعة "أراضي دولة" لمنع الفلسطينيين من امتلاكها. وبعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، كثّفت الحكومة الإسرائيلية – التي توصف بأنها الأكثر تطرفًا في تاريخها – مساعيها لضم الضفة، فأقرت مشاريع استيطان جديدة غير مسبوقة.
في أغسطس الماضي، وافقت إسرائيل على مشروع استيطاني ضخم في المنطقة المعروفة باسم "E1" بين القدس الشرقية والضفة الغربية، ما يهدد بقطع التواصل الجغرافي بينهما وتقويض فكرة الدولة الفلسطينية. وبلغ عدد الوحدات السكنية المقررة 3400 وحدة، وهو مشروع كان مجمّدًا لعقود بسبب المعارضة الدولية. الوزير اليميني بتسلئيل سموتريتش، المقيم في مستوطنة "كدوميم"، أعلن وقتها أن "فكرة الدولة الفلسطينية تُمحى تمامًا".
يتزامن ذلك مع تصاعد غير مسبوق في عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين. ووفق تقارير الأمم المتحدة، قُتل أكثر من ألف فلسطيني في الضفة الغربية منذ أكتوبر 2023 على يد قوات الاحتلال أو المستوطنين، فيما هجّرت الاعتداءات وهدم المنازل الآلاف. وسجّلت المنظمة 757 هجومًا لمستوطنين خلال النصف الأول من عام 2025 وحده، بزيادة 13% عن العام السابق.
وفي حادثة حديثة أثارت غضبًا واسعًا، اعتدى مستوطن ملثم على امرأة فلسطينية تبلغ 55 عامًا أثناء قطفها الزيتون، وضربها بعصا على رأسها حتى فقدت الوعي. أظهرت اللقطات المصوّرة المهاجم وهو يواصل ضربها بعد سقوطها أرضًا، في مشهد يلخص القسوة المتصاعدة في ظل غياب المساءلة.
بهذه الصورة، يعكس المأزق السياسي بين واشنطن وتل أبيب هشاشة التحالفات القديمة وتبدّل أولويات المنطقة بعد حرب غزة، حيث تحاول إسرائيل الموازنة بين طموحات اليمين المتطرف وضغوط الحليف الأمريكي الذي يخشى انهيار وقف إطلاق النار الهش في القطاع.
https://www.theguardian.com/world/2025/oct/23/marco-rubio-warning-israel-west-bank-donald-trump

